يوميات مشاغب
أشرقتْ شمس الصباح بأشعتها الدافئة، وتغلغلتْ من بين ستائر النافذة، واخترقتْ فضاء الغرفة الصغيرة لتدغدغ عينيّ النائمتين .. يا له من صباح جميل مليء بالحيوية والنشاط !!
قفزتُ من سريري قفزةً عظيمةً، وأنا أفكر كيف سأقضي هذا اليوم اللطيف، فاليوم أول أيام العطلة الصيفية ولا ينبغي أن يذهب سدىً كالأيام العادية... وبينما أنا حالمٌ في التفكير قافزٌ في الهواء، إذْ بي أسقط على لعبةٍ من لعب أخي الصغير، لأصيحَ بعدها صيحةً هائلةً أيقظتْ كلَّ مَنْ في البيت ...
ـــ هل سقطتَ - كعادتك - على إحدى هذه اللعب المتناثرة ؟
(تَمْتَمَ بها أخي الكبير وهو يغطي وجهه مكملاً نومه العميق)
ـــ يا لك من عبقري ، كيف عرفتَ هذا !! (رددتُ عليه متهكماً متحاملاً على آلامي القدمية الموجعة !!).
*** ***
استجمعتُ ما تبقى من قواي الخارقة، فقد تم ربط القدم اليسرى مع إصبع القدم الكبيرة – أعزّكم الله - ، وبعد أن أخذتُ كفايتي من جُمَل التهكم والسخرية خرجتُ من البيت لأقابل أصدقائي عند ناصية الشارع الرئيسي، حيث التجمع الأول في أول يوم من أيام العطلة الصيفية ..
ـــ كيف الحال يا شباب ؟
ـــ أين أنت إلى الآن .. لقد تأخرت بما يقرب الساعة ؟
ـــ ممم ... حدثتْ أمور شخصية .. مممم
ـــ هذا واضح من بروز الإصبع الكبيرة في قدمك اليسرى (أتبعوها طبعاً بضحكات عديدة ومتنوعة !!)
ـــ مممم .. كما ترون ..
ـــ هل يعني أنك لن تشاركنا في لعبة اليوم ؟
ـــ هذا مستحيل.. لو اضطرني الأمر لأن أقف حارس مرمى فسأقف (قلتُها بتحدٍّ واضح)
ـــ حيّاك الله على هذه الروح القتالية ، نرجو أن يكون لك دور في حراسة المرمى وليس مشاهدة الأهداف !!
*** ***
بدأت المبارة المرتقبة بين فريق حارتنا والحارة المجاورة، واشتد اللعب بين الفريقين، فلا ترى الكرة إلا وهي تتلقى الركلات تلو الأخرى تقذف بها يميناً وشمالاً، ويركض وراءها اللاعبون كظمآن يركض وراء سراب في صحراء قاحلة، كلٌّ يريد الفوز بالكرة، وتمريرها حيث مرمى الخصم، وتسجيل أكبر عدد من الأهداف، فالأهداف الكثيرة دليل القوة والفن والمهارة...
ها هو لاعب الهجوم يقترب مني، وعيناه تتربصان ثغرة يقذف منها الكرة، إذ فجأةً سنحتْ له فرصة لركل الكرة فركلها بأقصى قوة أُعطيها..
الكرة تنطلق كالسهم باتجاهي، فالهدف محقق، وصدّه بعيد المنال، لكن... هيهات هيهات، فما أنا بالذي يستسلم بسهولة، وما أنا بالذي يرضخ للأمر الواقع، فقد قفزتُ طائراً نحو الكرة، ومددتُ يدي إلى أقصى نقطة ممكنة، و ... يا إلهي !! لقد صددتُ الكرة بعيداً عن المرمى.. إلا أنّ آلاماً مبرحة أحسستُ بها عندما هبطت إلى الأرض، وتجهّزتُ لأطلق صيحة هائلة، وإذ ...
*** ***
شعرتُ بيدٍ تهزّني من كتفي، انتبهتُ فجأةً لأجد نفسي في الفصل، الطلبة ينظرون إليّ باستغراب، ومدرس مادة الرياضيات (الحساب) واقف والشرر يتطاير من عينيه ..
ـــ يا إلهي .. لقد نمتُ مرة أخرى في حصة الرياضيات!! (قلتُها بيني وبين نفسي)
ولكم أن تتصوّروا ـ أعزائي القرّاء ـ كم هي المدة التي وقفتها بجانب الحائط، رأسي مسنود إلى هذا الحائط الصديق، ويداي مرفوعتان إلى أعلى، تتبعهما قدمي (اليسرى) !!
منقوووووووووووووووووووووووووووووول