ذكر و تذكير
مقدمة
الحمد لله القائل في كتابه العزيز : " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " وقال سبحانه : " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " وقال سبحانه : " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " . وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله الذي ما ترك باباً يعلم فيه خيراً إلا دلنا عليه ، ولا طريقاً يؤدي إلى شر إلا حذرنا منه .
أما بعد :-
أخي المسلم بين يديك هذا الكتيب بعنوان : (ذكر وتذكير) جمعت فيه أهم ما ينبغي أن يعمله المسلم في اليوم والليلة ، إذا عمل به مؤمناً مصدقاً فإنه يكون له حصناً حصيناًوحرزاً منيعاً من الشيطان وأعوانه من مردة الجن وفسقة بني آدم ، ولكي يكون العمل بهذه الأوراد مع الإيمان والتصديق واقياً له من كل سوء ومكروه ، فإن اللازم لذلك المواظبة والتعاهد لهذه الأذكار وقراءتها بحضور قلب وطمأنينة بال .
كما تضمن هذا الكتيب أخلاقاً وصفات حميدة ينبغي أن يتخلق بها المسلم ويتصف بها ، وتنبيهاً على أقوال وأعمال قبيحة ينبغي للمسلم أن يبتعد عنها ويحذر منها .
وهذا الكتاب وضعته مبسطاً وميسراً ، متجاوزاً بعض الأسس العلمية مثل :-
1- عدم استيفاء جوانب التخريج .
2- الاقتصار على الشاهد من متن الحديث .
3- عدم ذكر الراوي .
4- إيراد بعض الأحاديث الضعيفة التي ليس ضعفها شديداً أو لها شواهد وهي في فضائل الأعمال . وذلك طلباً للاختصار ، ولأن هذا الكتاب قصدت به عموم المسلمين والمسلمات بالدرجة الأولى .
والله المسؤول وحده أن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
د. صالح بن غانم السدلان .
أولا : فضل الذكر وفوائده
قال الله تعالى : " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " ، وقال سبحانه : " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ، وقال عز من قائل : " فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " .
وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ذكر الله " .
من فوائد التذكير
1- أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره .
2- أنه يرضي الرحمن - عز وجل .
3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب .
4- أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط .
5- أنه يحط الخطايا ويذهبها .
6- أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة .
7- أنه غراس الجنة .
ثانيا : ورد الصباح والمساء
وقت ورد الصباح والمساء
إن وقت الورد في الصباح والمساء هو أول النهار وآخره ، وهما طرفا النهار ، وأول النهار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وآخره من بعد العصر إلى غروب الشمس ، قال الله تعالى : " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " ، وقال تعالى : " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " .
وقراءة أذكار الصباح والمساء في هذين الوقتين المذكروين في الآيتين ونحوهما بيان لما جاء في الأحاديث النبوية مثل قوله عليه الصلاة والسلام : " من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه " .
ومن لم يتمكن من قراءة الأذكار الصباحية والمسائية في الوقتين المذكورين ، فلا مانع من أن يأتي بها بعد هذين الوقتين إذا كان ذلك في وقت الصباح أو المساء .
وأذكار الصباح والمساء كثيرة منها
1- قوله صلى الله عليه وسلم : " من قال إذا أصبح : لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ، وكتب له عشر حسنات ، وحط عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي ، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح " .
2- ويقرأ آية الكرسي وهي قوله تعالى : " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم " .
3- وقال صلى الله عليه وسلم : " قل : " قل هو الله أحد " والمعوذتين ، حين تمسي وحين تصبح ، ثلاث مرات تكفيك من كل شيء " .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : " سيد الإستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " .
5- وقال صلى الله عليه وسلم : " من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات ، لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح ، ومن قالها حين يصبح ، ثلاث مرات ، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي " .
6- وقال صلى الله عليه وسلم : " من قال حين يصبح وحين يمسي ، ثلاث مرات : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، كان حقا على الله - عز وجل - أن يرضيه يوم القيامة " .
7- وقال صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة " .
8- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال : " أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها ، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها ، رب أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر ، وأعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر ، وإذا أصبح قال ذلك أيضا : أصبحنا وأصبح الملك لله " .
9- وقال صلى الله عليه وسلم : " قل : اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم " قال : " قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك " .
10- وقال صلى الله عليه وسلم : " من قال حين يصبح : اللهم ما أصبح بي من نعمة ، أو بأحد من خلقك ، فمنك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد ولك الشكر . من قالها حين يصبح فقد أدى شكر يومه ، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته " .
11- ويقول : سبحان الله وبحمده ، مائة مرة .
12- وإذا أمسى يقول : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، ثلاث مرات .
ثالثا : ما يقال ويفعل في الليل
1- يقرأ : الآيتين من آخر سورة البقرة : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير * لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " .
2- ويستحب إذا دخل الليل أن يفعل كما قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم .. الحديث " .
3- ويستحب قراءة سورة الملك كل ليلة لحديث : " من قرأ " تبارك الذي بيده الملك " كل ليلة منعه الله - عز وجل - بها من عذاب القبر " .
4- ويستحب إذا استيقظ من آخر الليل قبل صلاة قيام الليل أن ينظر إلى السماء ويقرأ : " إن في خلق السموات والأرض " .
رابعا : الذكر المطلق ( وهو الذي ليس له وقت ولا سبب )
1- قال رجل : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به ، قال : " لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله " .
2- وقال صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان في يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه " .
3- وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند أم المؤمنين جويرية - رضي الله عنها - بكرة حين صلى الصبح ، وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى ، وهي جالسة فيه ، فقال : " مازلت اليوم على الحالة التي فارقتك عليها ؟ " قالت نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قلت بعدك أربع كلمات ، ثلاث مرات ، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : " لأن أقول سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " .
5- وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة ؟ " فقلت بلى ، قال : " لا حول ولا قوة إلا بالله " .
6- وقال صلى الله عليه وسلم : " أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة ؟ " فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال : " يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة " .
7- وقال صلى الله عليه وسلم : " والله إني لأستغفر الله ، وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " .
8- وينبغي الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " . ولقوله صلى الله عليه وسلم : " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " .
ومن مواطن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم :
1- قبل الدعاء وبعده .
2- عند ذكره ، صلى الله عليه وسلم .
3- ليلة ويوم الجمعة .
4- في كل مجلس . وغير ذلك .
خامسا : قراءة القرآن
1- قال النووي - رحمه الله - في ( كتاب الأذكار ) : اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار ، فينبغي المداومة عليها ، فلا يخلى عنها يوما وليلة .
2- وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اقرءووا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرءووا الزهراوين : البقرة ، وآل عمران ... الحديث " .
3- ويستحب قراءة سورة البقرة لحديث : " إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " .
4- ويستحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لحديث : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " .
5- ويستحب حفظ العشر الآيات الأولى من سورة الكهف لقوله صلى الله عليه وسلم : " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال " .
6- ويستحب قراءة سورة الملك - تبارك - لحديث : " إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له ، وهي : تبارك الذي بيده الملك " .
7- ويستحب إذا انتهى من سورة القيامة أن يقول : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين آمنا بالله .
وإذا انتهى من سورة المرسلات يقول : آمنا بالله . وإذا انتهى من سورة التين يقول : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين .
8- ويستحب تحسين الصوت عند قراءة القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم : " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به " .
9- ويستحب الدعاء عند ختم القرآن ، وليس هناك دعاء مخصوص ، بل يدعو المسلم بما تيسر .
الله عنه - قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن ينى عليه بناء " ( رواه مسلم ) .