الصلاة, ذلك النور الوضاء, أنس المتقين, وراحة المختبئين, ونعيم المقربين, جنةٌ وسجن, جنة لأهل الله, فكانت لهمومهم منفساً, ولغمومهم مخلصاً, وسجن لمن عاش في زنزانة البعد والحرمان, وكان أسير الإثم والعصيان.
قال طبيب القلوب ابن القيم –رحمة الله- في مراتب الناس في الصلاة:
أحدها: مرتبة الظالم لنفسه, المفرط, وهو الذي انتقص من وضوئها, ومواقيتها, وحدودها, وأركانها.
الثاني: من يحافظ على مواقيتها, وحدودها, وأركانها الظاهرة, ووضوئها, لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة, فذهب مع الوسواس والأفكار.
الثالث: من حافظ على حدودها, وأركانها, وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار؛ فهو مشغول بمجاهدة عدوة؛ لئلا يسرق صلاته, فهو في صلاة وجهاد.
الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها, وأركانها, وحدودها, واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها؛ لئلا يضيع شيئاً منها, بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي, وإكمالها, وإتمامها, قد استغرق قلبه شأن الصلاة, وعبودية ربه - تبارك وتعالى - فيها.
الخامس: من إذا قام إلى الصلاة؛ قام إليها كذلك, ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه, -عز وجل- ناظراً بقلبه إليه, مراقباً له, ممتلئاً من محبته وعظمته, كأنه يراه ويشاهده, وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات, وارتفعت حجبها بينه وبين ربه, فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السموات والأرض, وهذا في صلاته مشغول بربه –عز وجل- قرير العين به
تحياتى القناص